الأسماء الحسنى والصفات العليا الإلهية


معارف عامة حول الأسماء الحسنى والصفات العليا الإلهية 
الإشراق الأول :
الأسماء الحسنى كلها لله وبنور تجليها نشكره ونطلب فيضه :
يا أخي في الإيمان : بعد ما عرفنا شيء يسير عن معرفة الأسماء الحسنى سواء كانت أسماء صفات ذاتية ، أو أسماء صفات فعليه وكيفية وصف الذات المقدسة الإلهية بها ، فلا فرق في الدعاء والتوسل إلى الله تعالى بها ، فإنها كلها تؤدي المطلوب ، وتوصل للغرض المرغوب من ذكر الله تعالى والتحبب إليه ، ويفي للإنسان حسب حاله ذكر اسما من أسماء المحبوب ليطمئن قلبه بذكره ، وإن كان للذات قرب الوصل بذكر أسمائها المعبرة عن جمالها أحسن مثل : يا أحد يا فرد يا صمد يا أول يا أخر ، يا عليم ويا عالم ، ويا قدير ويا قادر ، ويا حي يا غني ، وفي الفعلية دليل احتياج العبد بالتخصيص يا معلم يا مقدر يا محيي يا مغني يا شافي يا معافي يا غفور يا عفو وغيرها و ستأتي معارف أوسع في هذا المعنى .
وعرفت يا طيب : إن الله تعالى : يوصف بكل الأسماء الحسنى سواء ذاتية أو فعلية بكل تجلي لها في جميع مراتب الوجود ، ولذا نعرف بأن الأسماء الحسنى الإلهية لا حصر لها ولا حد ، بل كل الكون هو ظهور لها وينتسب له تعالى خلقا وهدى ، فضلا عما للذات المقدسة من الأسماء والصفات الخاصة بها ، ولذا كان كل اسم حَسِن في الوجود فهو لله تعالى بالأصالة ولغيره بالتبع ، ومنه وجوده وفيضه .  وبهذا نعرف : إن معنى وصفه تعالى بها كل اسم حسب وجوده للذات المقدسة أو كونه اسم صفة لفعل معين ، وحسب حيثية النظر لنسبته لله وللعبد نقول : علم أو قدرة ، فيكون الله تعالى هو العالم والعليم والمعلم ، والقادر والقدير ، أو فعلا يكون منه تعالى عطاء أو رزق أو نعمه ، فيكون تعالى المنعم والرازق والمعطي ، مع أنه قد يكون خلق أبن لعبد أو علم أو مال ، فأنظر الجزء الآتي وما بعده .
في الثلاث الايات الاخيره من سورة الحشر وردت العديد من اسماء الله الحسنى

الثلاث ايات هم
قال تبارك وتعالى {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} (22) {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ } (23) {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (24)

والاسماء هم
الرَّحْمَنُ -  الرَّحِيمُ :{هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} (سورة الحشر)(22)
القُدُّوسُ: فهو المنزَّهُ عن الشريكِ والوَلَدِ وصفاتِ الخلقِ كالحاجةِ للمكانِ أو الزمانِ فهو خالقُهما وما سِواهُمَا، وهو تباركَ وتعالى المُنَزَّهُ عن النقائِص الطَّاهِرُ من العُيوبِ قال تعالى: {الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ} (سورة الحشر/23). ت

ـ السَّلامُ: أي الذي سَلِمَ من كُلّ عيبٍ فلا يوصفُ بالظُّلمِ أو الوَلَدِيَّةِ أو الزَّوجِيَّةِ قال تعالى: {السَّلامُ الْمُؤْمِنُ} (سورة الحشر/23). ت

ـ المؤمِنُ: وهو الذي يَصدُقُ عبادَه وعدَه ويفي بما ضَمِنَهُ لهم قال تعالى: {السَّلامُ الْمُؤْمِنُ} (سورة الحشر/23). ت

8
ـ المهيمنُ: أي الشاهدُ على خلقِهِ بما يكونُ منهم من قولٍ أو فعلٍ أو اعتقادٍ قال تعالى: {الْمُهَيْمِنُ} (سورة الحشر/23). ت

ـ الجبَّارُ: هو الذي جَبَرَ مفاقِرَ الخَلقِ أو الذي قَهَرَهُم على ما أرادَ قال تعالى: {الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ} (سورة الحشر/23). ت

ـ المتكبِّرُ: هو العظيمُ المتعالي عن صفاتِ الخَلقِ القاهِرُ لعُتَاةِ خَلقِهِ قال تعالى: {الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ} (سورة الحشر/23). ت
ـ البارئُ: أي أنه هو خلق الخَلقَ لا عَن مِثالٍ سَبَقَ قال تعالى: {الْبَارِئُ} (سورة الحشر/24). ت
المصوِّرُ: الذي أَنشَأَ خَلقَهُ على صُوَرٍ مختلفَةٍ تَتَمَيَّزُ بها على اختلافِها وكَثرَتِها قال تعالى: {هُوَ اللهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ} (سورة الحشر/24). ت

صفات الله الواردة في الحشر..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمراد السائل غير واضح ، ويحتمل أن مراده السؤال عن صفات الله تعالى الواردة  في آخر سورة الحشر، في قوله تعالى: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ*هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ* هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ  {الحشر:24،23،22}.
فإن كان هذا مراده.. فقد قال السعدي: هذه الآيات الكريمات قد اشتملت على كثير من أسماء الله الحسنى وأوصافه العلى، عظيمة الشأن، وبديعة البرهان، فأخبر أنه الله المألوه المعبود، الذي لا إله إلا هو، وذلك لكماله العظيم، وإحسانه الشامل، وتدبيره العام، وكل إله سواه فإنه باطل لا يستحق من العبادة مثقال ذرة، لأنه فقير عاجز ناقص، لا يملك لنفسه ولا لغيره شيئا، ثم وصف نفسه بعموم العلم الشامل، لما غاب عن الخلق وما يشاهدونه، وبعموم رحمته التي وسعت كل شيء ووصلت إلى كل حي. ثم كرر ذكر عموم إلهيته وانفراده بها، وأنه المالك لجميع الممالك، فالعالم العلوي والسفلي وأهله، الجميع مماليك لله، فقراء مدبرون.
{ الْقُدُّوسُ السَّلامُ } أي: المقدس السالم من كل عيب وآفة ونقص، المعظم الممجد، لأن القدوس يدل على التنزيه عن كل نقص، والتعظيم لله في أوصافه وجلاله.
{ الْمُؤْمِنُ } أي: المصدق لرسله وأنبيائه بما جاءوا به، بالآيات البينات، والبراهين القاطعات، والحجج الواضحات.
{ الْعَزِيزُ } الذي لا يغالب ولا يمانع، بل قد قهر كل شيء، وخضع له كل شيء.
{ الْجَبَّارُ } الذي قهر جميع العباد، وأذعن له سائر الخلق، الذي يجبر الكسير، ويغني الفقير.
{ الْمُتَكَبِّرِ } الذي له الكبرياء والعظمة، المتنزه عن جميع العيوب والظلم والجور.
{ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ } وهذا تنزيه عام عن كل ما وصفه به من أشرك به وعانده.
{ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ } لجميع المخلوقات { الْبَارِئُ } للمبروءات { الْمُصَوِّرُ } للمصورات، وهذه الأسماء متعلقة بالخلق والتدبير والتقدير، وأن ذلك كله قد انفرد الله به، لم يشاركه فيه مشارك.
{ لَهُ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى } أي: له الأسماء الكثيرة جدا، التي لا يحصيها ولا يعلمها أحد إلا الله هو، ومع ذلك، فكلها حسنى أي: صفات كمال، بل تدل على أكمل الصفات وأعظمها، لا نقص في شيء منها بوجه من الوجوه، ومن حسنها أن الله يحبها، ويحب من يحبها، ويحب من عباده أن يدعوه ويسألوه بها.