العلل الاربعة عند ارسطو



العلل الاربعة عند ارسطو

فحسب قول أرسطو الله هو الذي يحرك الكون ونحن نشعر فقط بما يظهر في الحس، نحن نتعامل مع الظاهر لا غير.
و لتوضيح المغزى من هذا قسّم أرسطو العلل إلى أربعة هي:
العلة المادية: كالخشب بالنسبة لأيّ شجرة.
العلة الصورية: كالشجرة بالنسبة للخشب.
العلة الفاعلة: كل ما هو موجود في الطبيعة له فعل.
العلة الغائية: كل ما هو موجود له غاية و هدف من وجوده.
فحسب أرسطو فإنّ كل ما هو موجود في الطبيعة هو كائن فزيائي و ميتافيزيقي في الوقت نفسه، أي أنّ الصورة الفزيائية هي التصرفات الانسانية مثلا و الصورة الميتافيزيقية هي الطبع و التفكير و الاعتقاد، بحيث أنّ عالم الميتافيزيقي يسكن ما وراء الفيزيقي.
و من هنا فإنّ تدرج العلل يفضي في الأخير إلى الوصول إلى الغاية النهائية، و عند بلوغها من قبل الانسان، فإنه يحاول الاستقالة من هذا العالم، أين لا يبالي بشخصه، و يصبح بائسا، و هنا يمكننا القول أنّ الحياة البشرية مرهونة بالمادة و الصورة معا، فإنْ تكاملا يحلّ موعد العَدَم و الموت.
كما أننا نجد في جعبة انجازات أرسطو "علم المنطق" الذي يفضي إلى حقائق هامة جدّا فهو آلة العلوم عند أرسطو، لأنه لا يعطينا العلم كالفيزياء و الرياضيات، أي أنه مجرد طريقة لتحصيل صدق العلوم، و هنا نجد أنّ المنطق هو منهج في إنتاج الفكر و العلم، و مساعد العقل للعثور على الصواب، و تجنب الخطأ، و قد وافق أرسطو في هذه النقطة الامام الغزالي بقوله: "من لا منطق له لا يؤخذ بعلمه ... ". كما أنّ الامام الغزالي سمى المنطق الأرسطي في مؤلفاته بميزان العلوم، و منه نجد السؤال التالـي:
هل هذه هي وظيفة المنطق الوحيدة؟
يمكننا توضيح هذه البصمة بالقول أنّ للمنطق عدّة وضائف أسماها الوظيفة الكونية بالإضافة إلى وظيفة أبستمولوجية تتمثل في بيان صدق العلوم، و وظيفة أنطولوجية تتمثل في فهم العلاقات الموجودة بين العلل الأربعة.
فالمنطق هو الذي يشرح علاقة النفس بالجسم، كما أنّ أشكال الحياة هي عبارة عن صور لجوهر لا يُعرف إلاّ بالمنطق، و الذي يمكننا أيضا من ادراك أنّ الطيور نوع من الحيوان، و به ندرك أنّ الانسان هو حيوان كذلك، فبإحدى العمليات المنطقية البسيطة نستنتج أنّ الانسان يتميّز بخاصية العقل، و الطيور لها الريش كخاصية، و كلّهم يخرجون من الجنس الحيواني كمفهوم كلّي.
فبالمنطق نستطيع ربط الكليات بالجزئيات، و به نختصر العالم و الوجود، بحيث أنّ مستخدم المنطق يعوّض الأشياء بمفاهيم عقلية كالاستنتاج و القياس، و التي تعتبر الترسانة التقنية الخالصة و النقية، البعيدة عن هفوات الحسية المغالطة.
كما أنّ أرسطو تطرق إلى النفس على أنّها القوّة التي توظف المادة في تحقيق صورتها و منه غايتها، فالقوّة هي وسيلة المادة إلى غايتها النهائية، و النفس أنواع على حسب أرسطو:
النفس النباتية
النفس الحيوانية
النفس العاقلة وهي أفضل النفوس.
و هذا التصنيف مرتبط بثلاث قوى:
قوة المخيّلة
قوة الذاكرة
قوة التعقل
فالإنسان في فكر أرسطو هو حيوان مدنيّ بطبعه، أي أنّه كائن اجتماعيّ مهذب عن طريق الأخلاق. فبها يحدث الانسجام في المجتمع للوصول إلى سيادة الفضيلة و العدالة و الخير المطلق، فهمرس يقول: "الإنسان خيّر و ليس شرير.".
في الأخير فإن أصاب أرسطو فله أجران، و إن أخطأ فله أجر بما صنعت يداه و صدّقه فكره. و منه علينا نحن أبناء هذا العصر الجديد أن نقف بإجلال أمام هذا الاسم المرتل بإتقان، و الذي يعتبر إحدى أوراق خريف الذاكرة التي لا تتناسى، و لا تنسى أبناءها العظام.