الحق



يعتبرمفهوم الحق من المفاهيم الأساسية التي تداولها الفلاسفة من القديم، لارتباط إشكالية الحق بالهموم بالهموم الإنسانية، ولمواكبتها للحياة السوسيوأخلاقية.
ويبرز مفهوم الحق في التمثل الشائع بدلالات متنوعة : فتارة يفيد معنى الحقيقة، وتارة أخرى يفيد معنى القسط أو النصيب (في الإرث مثلا). وقد يقصد بالحق الذات الإلهية أو إحدى صفاتها... وقد يعني أحيانا القانون أو التشريع الذي بموجبه ينصف الأفراد وتؤطر علاقاتهم مع بعضهم البعض ...الخ.
يلاحظ إذن أن مفهوم الحق يمتاز بتنوع دلالي في التمثل الشائع؛ حيث يتأرجح بين معان أنطولوجية، ومعرفية، وقيمية أخلاقية. أما من الناحية الإيتيمولوجية، فإن ما جاء في "لسان العرب" لابن منظور عن دلالات الحق، يبين أنه ليس هناك اختلاف كبير بين المعاني المعجمية لمفهوم الحق والمعاني المتداولة. ويلتقي أحد المعاني المعجمية العربية لمفهوم الحق مع التمثل المعجمي الفرنسي الأساسي، حيث يفيد الحق (Le Droit) لغة ما هو مستقيم ولا اعوجاج فيه. ويتوسع هذا المفهوم في الاصطلاح الفرنسي ليكتسي أبعادا قانونية وأخلاقية ؛ لأنه يفيد تارة ما هو قائم على برهان منطقي سليم، ويفيد تارة ما هو قائم على قاعدة أخلاقية أو قانونية يقوم سلوك الفرد...
في الإطار الفلسفي تقلب مفهوم الحق بين معان متنوعة، تختلف حسب الإنساق الفلسفية والسياق التاريخي الذي كان أساس تداوله. فاتخذ معان أنطولوجية يراد بها عادة كل وجود مطلق، كما اتخذ معان إبستيمولوجية يراد بها الحقيقة المطلقة. كما تم تداول مفهمو الحق بمعان أكسيولوجية باعتباره قيمة القيم.
وفي عصر الأنوار أصبح الاهتمام بالحق كقيمة إنسانية على أساسها تبنى وتحدد كرامة الإنسان. وقد تنوع بعد ذلك تداوله في جميع مناحي الحياة الإنسانية، فاشتغلت به الفلسفة، والسياسة، والاقتصاد ...الخ. وارتبط بمفاهيم فلسفية كالعدالة والحرية والواجب ...الخ ؛ أي كل القيم التي بموجبها يمكن أن تتفاعل وتتحقق إنسانية الإنسان. ومن هذا المنطلق بالذات يقع اهتمامنا بمفهوم الحق، وسنحاول مقاربته كإشكالية أكسيولوجية نصوغها الصياغة التساؤلية التالية : هل يقوم الحق على أساس طبيعي في الإنسان ؟ أم على أساس ثقافي ؟ هل يستمد الحق قوته من الإكراه والإلزام ؟ أم أنه يستمد قوته من قيمته وسموه الأخلاقيين مما يجعل الناس يلتزمون به ؟
الفلسفة الحديثة في منهج ديكارت 

 «أبو الفلسفة الحديثة»

يُعرف ديكارت على أنه «أبو الفلسفة الحديثة»، وذلك لأن البرنامج الفلسفي الذي وضعه لنفسه والمنهج الذي اتبعه في تحقيق هذا البرنامج قد شكل قطيعة مع فلسفات العصور الوسطى، وأحدث تأثيراً بالغاً في الفلاسفة المحدثين اللاحقين. والغريب أن ديكارت فى عمله الفلسفي الأساسي وهو «تأملات في الفلسفة الأولى» لا يبدو منه أن هدفه فلسفي تماماً، ذلك لأن العنوان الفرعي للكتاب هو «وفيه تتم البرهنة على وجود الله والتمييز بين العقل والجسد». هذا العنوان الفرعي لا يجعل من كتاب التأملات كتاباً فلسفياً بل كتاباً لاهوتياً يثبت صحة الإيمان والعقيدة، الإيمان بإله واحد وبعقيدة البعث والخلود بما أنه يثبت إمكان انفصال الروح عن الجسم وبقائها بدونه. بهذا الشكل يكون كتاب «التأملات» تبريراً للإيمان عن طريق العقل، وبذلك لن يكون مختلفاً عن أي من فلسفات العصور الوسطى التي اتبعت نفس الطريق، بل سيكون مشابهاً لأعمال علماء الكلام المسلمين في الدفاع عن العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية. والأكثر من ذلك أن ديكارت يهدي كتاب «التأملات» هذا لمدرسة اللاهوت بجامعة السربون. لكن يجب على المرء أن يستوعب جيداً دوافع ديكارت في فلسفته وفي إهدائه الكتاب إلى علماء اللاهوت. لقد كان هدف ديكارت الأساسي الوصول بالعقل إلى الاستقلال في الأمور الميتافيزيقية، وهذا الاستقلال خليق بأن يجعل العقل والتفكير العقلاني مستقلاً عن سلطة الكنيسة. كانت الكنيسة في ذلك الوقت لا تزال تحتكر الإيمان والموضوعات الميتافيزيقية، ومن ثم أراد ديكارت أن يثبت إمكان توصل العقل انطلاقاً من مبادئه الخاصة إلى ا

تعتبر الفلسفة العقلانية المفتاح لفهم الحركات الثقافية في اوروبا في عصر النهضة .وتعرف بأنها الايمان بان العالم يعمل بطريقة منطقية او عقلانية تنطبق عليها القوانين الطبيعية التي يمكن للانسان اكتشافهاوفهمها
وتميل الفلاسفة العقلانية الى عدم الايمان بكل شىء يفوق الطاقة البشرية اذ انها تساوي بين ما هو معقول وبين ما هو طبيعي .وبما ان الطريقة التي يستطيع الانسان بها فهم القوانين الطبيعية هي البحث العلمي فأنة يمكن ان تقرن في هذة الحالة بين تطور البحث العلمي والفلاسفة العقلانية .
من اشهر الفلاسفة العقلانين في اوروبا ديكارت الذي نبذ كل المعتقدات القديمة التي لاتتفق مع المنطق .ولذلك كان لايقبل سوى الحقائق الثابتة ليبني عليها فلسفتة.والحقائق الثابتة الاكيدة هي ما تمخضت عن العقل والمنطق
وقد ادت الفلسفة العقلانية الى ظهور فلاسفة الطبعيين من امثال لوك وهوبز. وتركزت فلسفتهم على دراسة الجذورالطبيعية للمجتمع الانساني وطبيعة العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بين الافراد من ناحية وبين الافراد والحكومات من ناحية اخرى .
وقد اختلف هؤلاء الفلاسفة الطبيعيون في تحليل الطبيعة البشرية . فمنهم من وصففها بالجمال والحسن ومثال ذلك لوك ومنهم من وصفها بالقبح والسوء
مثال ذلك هوبز.
وتطرقوا بعد ذلك الى نظرية التعاقد الاجتماعي فمنهم من قال بأنها وضعت لضمان حقوق الفرد في الحياة والحرية والتملك كما ذكر لوك وروسو منهم من قال بانها وضعت لحماية المجتمع من شرور الافراد ومساوئهم دون الاهتمام بحقوق الفرد وسعادتة كما ذكر هوبز .
كان لنظرية التعاقد الاجتماعي والفلسفة العقلانية اثر كبير في قيام الثورات السياسية والاقتصادية كالثورة المجيدة في بريطانيا وحرب الاستقلال في امريكا والثورة الفرنسية والثورة الصناعية